مصر اليوم
مصر اليوم
مصر اليوم
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

مصر اليوم

منتدى شامل فيه كل ما يهمك , أدب, سياسه, أخبار, برامج, رياضه, أسره, دين, صحه و علوم
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 الكنز المفقود

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
Admin



عدد الرسائل : 594
السٌّمعَة : 0
نقاط : 895
تاريخ التسجيل : 30/01/2009

الكنز المفقود Empty
مُساهمةموضوع: الكنز المفقود   الكنز المفقود I_icon_minitimeالجمعة فبراير 27, 2009 8:42 am

في يوم من الأيام، وبينما كان عتبة بن ربيعة جالسًا في نادي قريش، والنبي صلى الله عليه وسلم جالس في ظل الكعبة، يقوم عتبة من بين جموع قريش قائلًا لهم: (يا معشر قريش ألا أقوم إلى هذا، فأكلمه وأعرض عليه أمورًا لعله يقبل بعضها فنعطيه إيها شاء ويكف عنا)، فقالوا: (بلى يا أبا الوليد، فقم إليه فكلمه).
فقام إليه عتبة حتى جلس إلى رسول الله، فقال: (يا ابن أخي إنك منا حيث قد علمت من السطة في العشيرة والمكان في النسب، وإنك قد أتيت قومك بأمر عظيم، فرقت به جماعتهم وسفهت به أحلامهم، وعبت به آلهتهم ودينهم، وكفرت به من مضى من آبائهم، فاسمع مني أعرض عليك أمورًا تنظر فيها لعلك تقبل منا بعضها)، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (قل يا أبا الوليد أسمع).
فأخذ عتبة يعرض على النبي صلى الله عليه وسلم من مغريات الدنيا وزخرفها، فقال: (يا ابن أخي، إن كنت إنما تريد بما جئت به من هذا الأمر مالًا جمعنا لك من أموالنا حتى تكون أكثرنا مالًا، وإن كنت تريد به شرفًا سودناك علينا حتى لا نقطع أمرًا دونك، وإن كنت تريد ملكًا ملكناك علينا، وإن كان هذا الذي يأتيك رئيًا تراه لا تستطيع رده عن نفسك طلبنا لك الطب وبذلنا في أموالنا حتى نبرئك منه؛ فإنه ربما غلب التابع على الرجل حتى يداوى منه).
حتى إذا فرغ عتبة ورسول الله يستمع منه، قال: (أقد فرغت يا أبا الوليد؟)، قال: (نعم)، قال: (فاسمع مني)، قال: (افعل)، فقال:
{حم (1) تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (2) كِتَابٌ فُصِّلَتْ آَيَاتُهُ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (3) بَشِيرًا وَنَذِيرًا فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ} [فصلت:1-4]، ثم مضى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها يقرؤها عليه فلما سمعها عتبة منه انصت لها وألقى يديه خلف ظهره معتمدًا عليهما يستمع منه، ثم انتهى رسول الله r إلى السجدة منها فسجد).
إنه درس نبوي في فن التعامل مع الآخرين، درس يحوي ذلك الكنز المفقود، إنه كنز الإنصات إلى الآخرين، والاستماع إليهم، وهذا الكنز هو السر الرابع من أسرار الطريق إلى النجومية الاجتماعية، وحسن الاتصال بالآخرين والتأثير فيهم.

أذنان وفم واحد:

ولعل هذا السر الرابع يؤكد عليه أمر فطري في كل إنسان، فالله عز وجل قد جعل لنا أذنان نسمع بهما، بينما لنا فم واحد، وهذه الحقيقة تدعو الإنسان إلى الإنصات إلى الآخرين أكثر من الحديث إليهم، فكما يقول أبو الدرداء رضي الله عنه: (أنصف أذنيك من فيك؛ فإنما جعل لك أذنان وفم واحد، لتسمع أكثر مما تتكلم).

انصات = اهتمام:

إنها معادلة الإنصات الفعال للآخرين، فأفضل ثناء تثنيه على شخص ما هو أن تنصت إليه باهتمام؛ لأنك بذلك تعبر عن احترامك له وتقديرك لما يقول، وتفاعلك بإيجابية معه هو السر في ثقته فيك، واطمئنانه إليك.
ونظرًا لسرعة الحياة في عصرنا الحالي، وكثرة مشاكلها وتعقيداتها، فقد بات الإنصات إلى الآخرين أعظم منحة تقدمها لهم؛ فهي من أعظم دواعي سرورهم وسعادتهم، فكما يقول تشالز إليوتSadالانتباه التام للشخص الذي يتحدث إليك مهم للغاية، ولا شيء يدخل عليه البهجة مثل هذا).
بل لم يعد الإنصات وسيلة للسعادة والتخفيف عن الآخرين فحسب بل صار حاجة ماسة، فكما يقول ديل كارنيجي: (هناك الكثيرون يذهبون للطبيب عندما يكون كل ما يريدونه هو شخص يستمع إليهم).

المحاور الصامت:

قد تعجب ـ عزيزي القارئ ـ من العنوان، وتقول: وكيف يكون المحاور صامتًا؟ ولكن قبل أن يأخذك بساط العجب، فإن هذه القصة التي يحكيها توني بوزان في كتابه (قوة الذكاء الإجتماعي)، ستزيل العجب، فهي تضع النقاط على الحروف، ولندع له المجال ليحكي قصته مع هذا الكنز، كنز الإنصات الفعال، يقول:
(أصبت بعدوى حادة في الحلق قبل إحدى المناسبات الاجتماعية، ولشدة احباطي لم أستطع النطق ولو بكلمة واحدة إلا بصعوبة بالغة.
وقابلت في الحفل شخصًا كان متحمسًا لعدة أشياء واسترسلنا في محادثة مفعمة بالحيوية، ولكن دوري في المحادثة اقتصر على الإيماء بالرأس؛ بسبب ضعف صوتي وكنت أوصل ما أريد قوله عن طريق الهمهمة، وقلما كنت أطرح عليه أسئلة مما أتاح الفرصة لصاحبي للخوض في محادثة أخرى لمدة خمس دقائق بحماس منقطع النظير، وعندما افترقنا كنت أعتقد أنه قد يظنني شخصًا مملًا في الحديث، حيث أني أسهمت بنسبة أقل من خمسة بالمائة في المحادثة، وكان من دواعي دهشتي أنني سمعت فيما بعد أنه اعتبرني محاورًا مدهشًا).

احذر من هذه الخمس:

وهناك خمسة محاذير، تلحق أضرارًا كبيرة بمهارتك كمستمع؛ لذا فاحرص على تجنبها:
1. التظاهر بالإصغاء بينما تكون على خلاف ذلك في الحقيقة.
2. محاولة القيام بأشياء أخرى في أثناء الاستماع.
3. الحكم على الموضوع بعدم الأهمية.
4. الذهول من طريق المتحدث في الكلام أو من تكلُّفه.
5. الإفراط في الانغماس في الحديث، ومن ثم نفتقد الخيط الرئيس للنقاش.

والآن كيف تكون ماهرًا في الاستماع؟

1. دع الآخر يقوم بمعظم الحديث:

يحكي لنا ديل كارنيجي فيقول: (قد جمعتني أخيرًا بأحد علماء النبات المبرزين حفلة عشاء أقامها الناشر المعروف ـ ج. جرينيورج ـ ولم أكن قد تحدثت إلى أحد علماء النبات من قبل، لذلك وجدت في الاستماع إليه لذة كبرى، وانتصف الليل فتمنيت للمدعوين ليلة سعيدة وانصرفت، وعاد عالم النبات إلى مضيفنا وأجزل له الثناء عليّ، فقد كنت على حد تعبيره مثيرًا جدًا، واختتم حديثه للمضيف بقوله: حقًا إن مستر كارنيجي محدث بارع.
محدث بارع؟! أنا! وكيف؟! فإني لم أقل شيئًا على الإطلاق، كل ما فعلته أنني استمعت بشغف، وقد أحس هو بذلك وسرّه, فالاستماع بشغف هو أعلى ضروب الثناء الذي يمكن أن تضفيه على محدثك).
2. أكثر من الأسئلة المفتوحة:
أغلب الناس يجد الرهبة أو القلق في التحدث مع من لا يعرفه، لذا غالبًا ما يكون الحديث في البداية مغلقًا، لذا فأكثر من الأسئلة المفتوحة, وهي الأسئلة التي لا تنتهي بنعم أو لا، وعادة ما تكون أداة السؤال هي: كيف؟ ماذا؟ لماذا؟
ومن ثم تعطي دفة الحديث للآخرين، فيخرجون مكنونات أنفسهم؛ مما يوفر لك فرصة معرفة الآخرين، واختبار صفاتهم وسماتهم.
3. ابتسم وأعط انطباعات إيجابية:
لابد أن تتفاعل مع كلام من تتحدث إليه؛ لأن هذا سيعطيه انطباعًا أنك معه، وأنك مهتمٌ به، والابتسامة ـ خصوصًا ـ تترك أثرًا طيبًا مع من تحاوره، إذ تشعره أنه لم يصبك الملل من كلامه، وأنك معجب بكلامه ومؤيد له، لذا أوصانا النبي r فقال: (تبسمك في وجه أخيك لك صدقة)[رواه الترمذي، وصححه الألباني]، وقال r: (لا تحقرن من المعروف شيئًا، ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق)[رواه مسلم].
وخلاصة القول:
إذا أردت أن تكون نجمًا اجتماعيًا، فلابد أن تحرص على علاقاتك مع كل من تتحدث إليه، وهذا لن يتأتى إلا بكنز الإنصات الإيجابي لكل من تحاوره، فاسمع أكثر مما تتكلم، بل لا تكتفي فقط بالاستماع، ولكن اترك انطباعات إيجابية تشعر بها من تحاوره أنك سعيد بهذا اللقاء.

أهم المراجع:

1. سحر الاتصال، محمد العطار.
2. كيف تكسب الأصدقاء وتؤثر في الناس، ديل كارينجي.
3. قوة الذكاء الإجتماعي، توني بوزان.
4. مختصر منهاج القاصدين، ابن قدامة المقدسي.
5. السيرة النبوية، ابن هشام.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://misrelyoum.ahlamontada.net
 
الكنز المفقود
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
مصر اليوم :: عامه :: المال و الأعمال-
انتقل الى: